مقال

الأهمية القصوى للأب في حياة ابنته

بواسطة
في
أغسطس 19, 2022

إذا كانت «البنت حبيبة أمها» كما غنت صباح، فإنها الحنونة والأميرة لأبيها، وهو لها عمود الخيمة ومصدر الأمان والسند والظهر الذى يحميها؛ فإذا غاب أو اختفى أو تشوَّهت صورته، انهارت قيم كثيرة داخل وعى البنت وهى تنضج.

العلاقة بين الأب وابنته علاقة فريدة، والنساء اللاتى حظين بعلاقة متميزة مع آبائهن فى الصغر لديهن مخزون رائع من الذكريات والقوة والثقة بالنفس والاحتماء بقيم تكون لهن درءًا لمواجهاتٍ كثيرة فى الحياة، أهمها مع الرجال..

تنطبع صورة الرجل فى أعماق البنت فى مراحل تطورها، وتؤثر على اختيارها للرجل الذى سيكون شريك حياتها، فهى إما أن تكون حريصة ومتأنية ومهتمة، أو مضطربة ومرتبكة؛ فترتمى فى أحضان أى رجل قد يكون فى عمر أبيها، وقد يكون شابًا، وقد يكون وغدًا، لكنها وقتئذٍ لا تملك البصيرة، أو بوصلة الاتجاه، لأن اختفاء الأب فى الماضى ووجوده السلبى والمُدمِّر والقاسى والمُهمش والمُزعج يؤدى إما إلى زيجاتٍ مندفعة ومضطربة، أو إلى فشل شديد فى الاختيار، مع تعدد التجارب والارتباطات والانتهاء بحسرة وعدم توفيق..

الأب المُعتدِل لا يسبب تناقضًا وجدانيًا خطيرًا فى أعماق ابنته، بمعنى أن احتضانه ودعمه لها فى السنوات الأولى من عمرها ثم اختفاءه وتصَحُّره فى بلاد النفط والعودة فى صورة رجل آخر لا يمُّت للأب الأول بصلة، يحقِّر من شأنها ويسىء معاملتها ويبخل عليها ولا يسند قراراتها، وإما يبدو مُهرجًا سفيهًا أو عدوانيًا سخيفًا مع من يتقدمون للزواج منها، وتبدو عليه الأنانية والنرجسية والفوضى وعدم احترام الذات.

تقول إحدى البنات اللاتى لم يتزوجن بعد، وشارفن على نهاية الثلاثينيات: «الإحساس بالأمان شعور غير واضح لكنه مهم، يظهر فى السلوكيات، لذلك لا بد للأب أن يُشعِر أولاده بالأمان، لأنه إذا ترك مكانه ومكانته فى قلب البنت ووجدانها فارغين، سيملؤهما آخر لا ندرى عنه شيئًا، ليس الأمان فى الـ ATM ولا الهدايا ولا المدارس الغالية ولا المطاعم الفخمة ولكن فى الاحتواء والاحتضان والتفاهم والتواصل.

 

إن الأطفال الفاقدين الأمان يرتمون فى أحضان أول من يلتقى بهم عند الكبر، أحضان غريبة من الممكن أن تسرق حياة بأكملها.. صاحبوا أولادكم ولا ترهبوهم ولا تنفّروهم منكم لأنكم الأصل والسند.. الحُضن الآن سهل ويسير، والحُضن المتأخِّر غالٍ ومُكلِّف.»

 

أيها الآباء.. أنتم الإلهام والدافع لكى تحقق بناتكم أهدافهن فى الحياة، ولا تكون البنت مجرد امرأة أرنبة تنجب عددًا من الأولاد، وتطبخ وتغسل وتدير شؤون البيت.. علِّموا بناتكم احترام النفس وتقديرها، لأن الأب الذى يُعامل بناته وزوجته باحترام واهتمام يبث فيهن عِزة النفس؛ فتصبح البنت قادرة على اختيار زوج يحترمها ويقدّرها. لابد من تخصيص وقت لابنتك إما أن تخرجا فيه سويًا بمفردكما بعيدًا عن البيت، أو بشكل ما فيه خصوصية واهتمام يُسمَّى Quality time مهما كنت مشغولًا، كن عطوفًا ومُحبًا وفى نفس الوقت منضبطًا وقائدًا لبيت لا ينعزل ولا يكتئب ولا تتفكك أواصره.

TAGS
RELATED POSTS
خليل فاضل
القاهرة، مصر

كاتب ومحلل نفسي، قاص وروائي، يعالج بالسيكودراما الحديثة في مصر، له مقال أسبوعي كل يوم جمعة ينشر في صحيفة المصري اليوم، كما تشهد له قنوات اليويتيوب بعديد من اللقاءات السخية نفسية واجتماعية، كما أنه يمارس مهنة الطب النفسي منذ حوالي 41 سنة

بحث
أحدث التعليقات