مقال

اليوم العالمى لصحة النفس ورفاهيتها

بواسطة
في
أكتوبر 14, 2022

فى العاشر من أكتوبر 2022 من كل عام اليوم العالمى للصحة النفسية، هذا العام بعنوان «الصحة النفسية والرفاهية للجميع أولوية كونية»، واستخدم مصطلح الرفاهية النفسية ليعنى الشعور بالرضا جسديًا ونفسيًا، وعن الحياة التى تعيشها، أما الصحة النفسية فلا تعنى الخلو من الأمراض، وإنما القدرة على الاستمتاع والعمل بشغف، والقدرة على الحب بكافة أشكاله، إنها التمتُّع بعقلٍ سليم فى جسمٍ سليم، وبالثبات الانفعالى والنفسى والاجتماعى، وبالقدرة على التفكير والشعور والإدراك والتصرف بشكل صحى وبطريقة ملائمة، فيها تأقلُم حقيقى مع البيئة المحيطة أيًا كانت، إنها كيف تتعامل مع الضغوط الحياتية STRESS، وكيف تتعامل وتتفاعل مع الآخرين.

إن الصحة النفسية محور أساسى ومهم وحيوى فى كل مراحل الحياة من الطفولة إلى الكهولة، ونادرًا ما يوجد من لا يواجه مشكلة صحية نفسية، تؤثر على مزاجه وتفكيره، ولذلك أسباب شتّى، منها العوامل الوراثية وكيمياء المخ العصبية، ونوعية حياتك والأحداث التى مرت بك بما فى ذلك الصدمات والحوادث، أو العدوان النفسى والجسدى والإهانة والتنمّر، ووجود أشخاص من نفس الأسرة يعانى من اضطراب نفسى أو مرض عقلى مما يجعل تزاوج البيئة المحيطة مع الجينات أمرًا مُركبًا.

من العلامات التحذيرية التى يجب أن ننتبه لها، بعض السلوكيات التى قد تظهر على الشخص المُصاب مثل الهروب إلى النوم الكثير أو المعاناة الشديدة من الأرق، أو الانسحاب عائليًا ومجتمعيًا، مع انخفاض فى الطاقة، والحوار والمشاركة، أو الشعور بالخُواء والخدر فى الحواس.. «لا شىء يهم، الكل باطل وقبض الريح.. مثلًا»، أو أن تكون هناك آلام متفرقة فى كل الجسم، أو فى أماكن محددة مبهمة ليس لها أى تفسير طبى، والإحساس بالعجز واليأس وفقدان الأمل، والتدخين وإدمان المخدرات، والإحساس بالتشوش الذهنى والنسيان والضجر والغضب، والضيق والتبرم والقلق أو الخوف، أو الصراخ والزعيق والخناق مع الأهل والأصدقاء.

قد تكون هناك تقلبات حادّة فى المزاج تسبب مشكلات كثيرة مع من حولك، وأن تكون هناك ذكريات وأفكار مستمرة لا تترك رأسك وتقُضّ مضجعك، أو أن تفكر فى إيذاء نفسك أو غيرك، أو كما فى حالات الذهان أن تسمع أصواتًا أو أن تشعر بالاضطهاد والارتياب والشك والرهبة بأن ثمة خطة أو مؤامرة لإيذائك، مما يعطلك عن عملك ومهام بيتك، ويشلّ قدرتك على تحمّل مسئولياتك تجاه زوجتك أو أولادك أو عملك أو مدرستك أو جامعتك.

لكل اضطراب علاج، ولكل عقدة حلّال، ولكل مرضٍ دواء، يعتمد على التاريخ التطورى الدقيق للإنسان منذ أن كان جنينًا مع تفاصيل أى نوبات أو حوادث طرق أو تورط مع الشرطة أو سابق إيداع بمستشفيات الصحة النفسية، ولا يقتصر العلاج على العقاقير ذات التأثير النفسانى فحسب لكن على العلاقة بين المُعالِج والمُتعالج بما يسمى التآزر العلاجى والتعاون مع الأهل والأصدقاء، ومساعدتهم للوصول إلى نتائج طيبة، من المهم أيضًا على الدكتور النفسانى أن يدخل إلى عالم المريض ويشاركه فى همومه ليفهمها وليتعرف على هواياته واهتماماته ويدخل بها معه إلى عوالم أخرى للتغيير والتحوّل من العجز المكتسب إلى الأمل والتفاعل والرضا والتفاهم مما يحقق الصحة النفسية الحقيقية، وأن يدرك المُعالج قدرات وإمكانات المريض للتعاون والوصول لهدف الشفاء كاملًا.

فلتُعِد صياغة أفكارك المغلوطة والمُضِرَّة، فالطريقة التى نفكّر ونشعُر ونتصرَّف بها مرتبطة ببعضها البعض، وأحيانًا ما تتطوّر تلك الأنماط السلوكية غير المفيدة وتصبح مُعطِّلة، لذلك تعرَّف عليها واتخِّذ خطوات للتفكير فى كل الأمور بشكل مختلف، لأن هذا سيُحسِّن صحتك النفسية ونوعية حياتك بشكل عام.

وأن تتعلم فن التعامل مع الضغوط وكبح جماح الغضب، وكيفية الاسترخاء الذهنى والجسدى، وأن تُركِّز فى عملك لتزيد قدرتك الإنتاجية، وأن تكون نافعًا للبيئة المحيطة بك فى البيت والحى والمدرسة والعمل والوطن، وأن تتدرب على كيفية الحفاظ على إيجابياتك النفسية، وألا تخجل من معاودة الطبيب النفسانى، وأن تظلّ إيجابيًا، وأن تتحرك وتتمشَّى وتتدرَّب بدنيًا، وأن تنام فى عمق فى ساعات الليل، وتبتعد عن الإفراط فى المُنبِّهات، وأن تصبح متفاعلًا اجتماعيًا، بحيث تتكون لديك مهارات التواصل، وأن ترفِّه عن نفسك وأن تُنصت وتقرأ وتشاهد وتستمتع، وتأكل غذاءً صحيًا، وأن تبتسم، لأن «تبسمك فى وجه أخيك صدقة»، وتضحك وتجعل ساعة لقلبك.. دمتم بخير وصحة.

TAGS
RELATED POSTS
خليل فاضل
القاهرة، مصر

كاتب ومحلل نفسي، قاص وروائي، يعالج بالسيكودراما الحديثة في مصر، له مقال أسبوعي كل يوم جمعة ينشر في صحيفة المصري اليوم، كما تشهد له قنوات اليويتيوب بعديد من اللقاءات السخية نفسية واجتماعية، كما أنه يمارس مهنة الطب النفسي منذ حوالي 41 سنة

بحث
أحدث التعليقات