مقال

ترميم علاقة الأم بابنتها

بواسطة
في
أبريل 7, 2023

تحدثت فى الأسبوع الماضى عن علاقة الأم بابنتها المتوترة، وأهمية أن توجد أمٌّ حقيقية فى حياة ابنتها مُهمة ودافعة لمستقبل علاقاتها وحياتها العملية والشخصية.

هناك علامات للأم التى لا تُحسن معاملة أو تربية ابنتها؛ فالقسوة العاطفية والبدنية والإهمال والتلصص على الابنة لا مراقبتها عن بُعد تؤدى إلى تدهور العلاقة بينهما إلى حد فقدان الاحترام.

من الإمكان ترميم هذه العلاقة وإصلاح ذات البين بين الأم وابنتها؛ فالأم المسيطِرة والمتحكِّمة والمتسلِّطة تعطى اهتمامًا ضئيلًا أو معدومًا لاحتياجات ومشاعر ابنتها.. أما المشكلة الكُبرى فهى أن بعض الأمهات فى علاقتهن مع بناتهن يكُّن من عدم الكياسة لدرجة تحالفهن مع الآباء، ويسخرن من ابنتهم ويجعلنها محور لضحكاتهم؛ وكأنها كائن فضائى جاء من كوكبٍ آخر ليسليهم، فى هذه الحالة قد يكون المرَح والفرَح عاديًا.

لكن عندما يصل الأمر إلى السخرية والتهكُّم يؤدى ذلك إلى تدمير الأنا وتقويض احترام الابنة لنفسها، وإذا تكرر ذلك عدة مرَّات ستبدأ الابنة فى تصديق أنها مجال للسخرية والإهانة؛ ومن ثم تصبح ضحيةً فى المدرسة أو بين الأقارب أو فى الحى الذى تسكن فيه.. ولكن هناك من البنات اللائى يدركن الخدعة والعوار فى أمهاتهن، فيفطنّ للمشكلة ويتعاملن معها بحكمة.. من الضرورى فعلًا تربية الآباء لتربية الأبناء فى الزمن الصعب.

إن فقدان الحدود بين الأم وابنتها يُضيِّع المصداقية ويفقدها الرصيد فى العلاقة؛ فتتشوَّه وتتأثر سلبًا، وتُصبح الأم وابنتها فى حالة يُرثى لها، وكأنها ليست بالأم، وكأن هذه ليست ابنتها.

كيف نُرَمِّم العلاقة بين الأم وابنتها؟، وكيف نصلح ذات البين بين من تربَّت فى كنفها وبين من ولدتها؟.. علينا أن نبحث عن السبب؛ فهناك بعض الأمهات اللاتى يعانين من اضطرابات فى الشخصية، أو من مرضٍ عقلى يدفعهن إلى التصرف بلا حكمة وبدون إدراك أو إحساس بالآخر.

وهنا يجب معالجة الأمر عن طريق علاج الأم، أما إذا كانت الأم بشكل عام سليمة ولكنها تعانى من اضطهاد ما من أمها وتُسقِط ذلك على ابنتها، فيجب توضيح الأمور وتفسيرها، ثم تُرشَد الأم فى إرشاد نفسى فردى مع جلساتٍ أخرى تجمع بين الأم وابنتها.

وإذا كانت الصحة النفسية للابنة تأثرت؛ فيفضَّل أن تتلقى الابنة أيضًا إرشادًا نفسيًا، ويجب أن يكون هناك وضوح وصراحة ومُكاشفة، وأن تكون هناك أصالة وتواصل حقيقى غير زائف ودون ضغوط.. أما أنتِ أيتها الأم أو الابنة، فيجب أن تنظرى بشكل دقيق إلى سلوكك وتصرفاتك وتراجعيها مع نفسك، لأن هناك ثمة صراعا داخليا وصراعا خارجيا بين الأم وابنتها، وصراعا بين الأم ونفسها، والابنة ونفسها.

وبين الأم والابنة، تدور ساحته فى البيت الذى يجب أن يكون سكنًا للرحمة.. لربما كان هناك فى الخلفية أب غائب، أو أب محفظة فقط، أو أب حبّة اللقاح، أو أن يكون هناك مَن يعطِّل التواصل كوجود ابنة من ذوى الاحتياجات الخاصة تتلقى الاهتمام الأكبر، أو أخ مدمن، أو ما إليه من المشاكل النفسية والاجتماعية، أو نواحى القصور المادية التى تعطِّل العلاقات الصحيحة بين أفراد الأسرة وبعضها.

من المهم جدًا أن نقبل ونعترف بأن هناك خطأ ومشكلة فى التواصل.. أن هناك كسرًا قد حدث، وأن شرخًا أليمًا قد أثّر فى العلاقة بين الأم وابنتها، ومن ثم وبعد هذا التقبُّل والاعتراف، نعمل على التئام الجُرح بعد تنظيفه وتضميده، والحرص على ألَّا نعود إلى المربع الأول مرةً أخرى بالحفاظ على علاقةٍ قوية صحيحة وصحية مرةً أخرى.. ولنتذكر أن أمهات البنات هُن بنات لأمهاتهن.

TAGS
RELATED POSTS
خليل فاضل
القاهرة، مصر

كاتب ومحلل نفسي، قاص وروائي، يعالج بالسيكودراما الحديثة في مصر، له مقال أسبوعي كل يوم جمعة ينشر في صحيفة المصري اليوم، كما تشهد له قنوات اليويتيوب بعديد من اللقاءات السخية نفسية واجتماعية، كما أنه يمارس مهنة الطب النفسي منذ حوالي 41 سنة

بحث
أحدث التعليقات