مقال

التنمُّر.. القسوة تقتل القلب

بواسطة
في
مارس 10, 2023

 

بحسب «المصرى اليوم» توفيت رودينا، الطالبة ذات الـ 16 عامًا، بعد تنمر زميلاتها عليها بإحدى المدارس فى منطقة الهرم، الخاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم، وأثارت الواقعة حزنًا على مواقع التواصل الاجتماعى. وقال عدد من شهود الواقعة إن زملاء الضحية تنمَّروا عليها بقولهم: «إنتِ وحشة، إزاى مستحملة شكلك!».

هذا خبر من الأخبار الكثيرة المتناثرة التى تنتشر كالنار فى الهشيم فى مجتمع أصبح العنف فيه خبزًا يوميًا نمضغه دون حلول، فلقد أصبحت كلمة التنمُّر كلمة ناعمة بالنسبة إلى ما وصلت إليه حال مدارسنا.

إن بشاعة الحدث تكمن فى عدم انتباه المشرفين، وفى فزع وصف الشكل الإنسانى للضحية، فالكلمات المُتنمِّرة من النفوس السوداء التى لم تتلق تربيةً ولا تعليمًا، لا فى البيت ولا فى المدرسة؛ فأصبح بعض النشء مشوهًا بلا ضمير أو أخلاق أو هوية. وقعت الكلمات كالرصاص الحى، فتوقفت عضلة قلب رودينا.

قد يكون الأشخاص الذين يتعرضون للتنمر أو يتعرضون للعنف فى مجال العمل أو الدراسة بكل مراحلها، بدءًا من KG1، أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية من الأفراد الذين لا يتعاملون مع مثل هذه التحديات.

فى بحثٍ أوروبى لأكثر من 79000 رجل وامرأة عاملين تتراوح أعمارهم بين 19 و65 عاما ليس لديهم تاريخ لأمراض القلب، أفاد 9% منهم بأنهم تعرّضوا للتنمُّر، وقال 13% إنهم تعرضوا للعنف أثناء العمل، وتم تشخيص 4% بأمراض القلب، ووجدت الدراسة أن الذين تعرضوا للتنمر أثناء العمل كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من أولئك الذين لم يتعرضوا للتنمُّر. والجدير بالذكر أن الظروف النفسية الحالية مع تجارب الطفولة وانحسار مهارات التأقلم قد تزيد الهشاشة فى الإصابة بأمراض القلب.

لا يمكن لمديرى المدارس أن يقولوا إن الأمر متروك للوالدين، ولا يمكن للوالدين القول إن الأمر متروكٌ للمعلمين، كما لا يمكن للمعلمين القول إنها ليست وظيفتهم، ولا يمكن للأطفال أن يقولوا: «كنت خائفًا جدًا من معرفة كل ذلك»، يجب أن يلعب كل منا دوره كما يليق به وكما يتوقعه منا أولادنا، هذا إذا كنا جادين فى وضع حدٍ للجنون، كلنا مسؤولون، ويجب أن نكون كذلك.

للتعامل مع المتنمرين، قِف فى وجه المتنمر شُجاعًا حتى وأنت خائف، ولا تدعه يرى مدى تأثيره عليك، وإذا لم تنجح تجاهله وابتعد، اطلب مساعدة أصدقائك وسافر فى مجموعات لمنع المُتنمِّرين من الاقتراب، وحاول الوصول إلى من يُساعدك ويكون ذا سلطة موثوق بها.

ابنِ ثقتك بنفسك وتَعلّم كيفية إدارة التوتر حتى لا تشعر بالإرهاق أو الاكتئاب، لا تتعجَّل النتائج «المسألة هتاخد شوية وقت».

اضحك لتظهر للمتنمِّر أنه لا يستطيع التحكم فيك، وعندما يبدأ فى إزعاجك، خذ نفسًا عميقًا وابدأ فى الضحك، اضحك على كل ما يقوله – كلما كانت الإهانة أسوأ، كانت الأمور أصعب – اضحك ضحكة مكتومة، ثم لِف وابتعد.. هذه الطريقة تُحبط المتنمرين لأنهم يريدونك أن تبكى، لا أن تضحك.

يجب على كل الذين يشعرون بالتنمُّر أو أولئك الذين يتعرضون للعنف اللفظى أو البدنى أو الافتراضى أو مجرد التهديد به أن يأخذوا هذه الأحداث على محمل الجَدّ، وأن يطلبوا الدعم وتصعيد الأمور لأعلى بإطلاق صافرة إنذار عبر كل الوسائل المُتاحة والمواجهة قدر الإمكان، والحصول على الدعم فى التعامل مع أى اضطرابات نفسية أو بدنية قد تنتج عن حوادث التنمُّر الخفىّ والعلنى والتهديد والترغيب والترهيب الجنسى وكل الأمور القذرة التى تحدث خلف الأبواب المُغلقة فى أماكن العمل وفى الأبنية التعليمية.

TAGS
RELATED POSTS
خليل فاضل
القاهرة، مصر

كاتب ومحلل نفسي، قاص وروائي، يعالج بالسيكودراما الحديثة في مصر، له مقال أسبوعي كل يوم جمعة ينشر في صحيفة المصري اليوم، كما تشهد له قنوات اليويتيوب بعديد من اللقاءات السخية نفسية واجتماعية، كما أنه يمارس مهنة الطب النفسي منذ حوالي 41 سنة

بحث
أحدث التعليقات