مقال

المعيلة .. زينة يوم المرأة العالمي

بواسطة
في
مارس 17, 2023

 

يعتبر البعض المرأة المصرية المُعيلة (ست بميت راجل)، تعبير شاع جداً مع نزوح الرجال إلى العمل فى مناطق عدّة، فهناك قرى كاملة

متخصصة فى استقدام الرجال للعمل فى إيطاليا وفرنسا، ما إن يبلـغ الولد 14-15 سنة حتى يستقدمه أبوه للعمل معه هناك، لدرجة أن تلك القرى كادت تصبح مثل تلك التى فى فيلم «عرق البلح» بلا رجال.

هذه «المرأة الراجل»، غلط، بعض السيدات المصريات مُكافحات ولهن الاحترام، هناك من تعمل بوابة للعمارة، وفرّاشة للمدرسة، تبدأ عملها الساعة الثامنة صباحًا، ولدى عودتها فى الثانية ظهرًا تشترى احتياجات السكان من السوق، وبعد الظهر تنادى عليها إحدى الهوانم، لكى تغسل صحون الغداء أو لشراء طعام العشاء، حتى يوم الجمعة تقوم بتنظيف شقق بعض السكان، كل جمعة شقة أو شقتين، تُصرِّح بأنه لا راحة لها إلّا بالموت.

وأخرى تقول: «تعلَّمت السيطرة على مشاعرى، فى بعض الأحيان أجد نفسى دائمًا فى آخر القائمة، الكل يعتقد أننى البطلة ومصدر الرزق وأداة الاستمتاع الجنسى، ومن تحلّ المشاكل، لكنى يومًا ما سأتمرد على كل ذلك، لا أعرف كيف لكن الفكرة تراودنى كثيرًا».

قد يتخيل البعض هذه المرأة مُستمتعة بعملها، غارقة فيه حتى أذنيها، لكنها فى الحقيقة تعانى من القهر الذى يؤدى إلى الاكتئاب الخفى والمُقنَّع، ويعجل بالمرض العضوى.

وعلى الرغم من أن مفهوم المرأة المُعيلة هو لتلك المرأة التى تعول أسرتها بسبب فقد عائلها، سواء بالوفاة أو الطلاق أو السجن أو العجز الكُلى، أو زواج الزوج بأخرى.

وعلى الرغم من أن هذا التعريف لا ينطبق كلية على المصريات المُعيلات لأن كثيرات منهن قد طفش أزواجهن واختفوا أو سافروا ولم يعودوا، وفُقِد الاتصال بهن، هذا بخلاف الزوج النَطع والمُدمن والطمَّاع والكسلان.

كما أن هناك نساء كثيرات يعملن لساعاتٍ طويلة يتركن فيها بيوتهن، يتمنين أن يشتهيهن رجالهن، أن تُتاح لهن الفرصة ليتفرغن لشؤون ست البيت، والاستعداد للقاء الجنسى، لكن الظواهر المجتمعية فى مصر الآن، ريفًا وحضرًا، تشير إلى أن ثمة انحسارا نسبيا فى الأنوثة بمعناها الأشمل والأجمل، وأن النساء المحرومات عاطفيًا أكثر اكتئابًا وأقل نضارة وجمالاً، فالزمن والعمل وصراعات الحياة وشعار اللهاث وراء لقمة العيش يخطف منهن لونهن الوردى، ويسحب منهن اهتمامهن بأنفسهن.

توارت الأنوثة مع الزنّ والنكد وعلوْ الصوت وسوء المعاملة، وكثرة طلبات الأولاد، واختفاء مفهوم عطلة نهاية الأسبوع Week End، هنا قد تعتقد بعض النسوة أن كيلو ماكياج يكفى لدفن الهموم، لكن الطلاء يزيد الأمر بشاعة تُخفى أنوثة صباح الفل، والنضارة وتوفير الجو الهادئ، أى الصحة النفسية الإيجابية، تلك التى تجعل المرأة أكثر تألقًا وأنوثة.

تقول إيمان مبروك فى «الشرق الأوسط» مارس 2021: إن المحامية جواهر الطاهر، مديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، ترفض ربط مفهوم المرأة المُعيلة بوجود رجل أو اختفائه، وتقول إن «كل امرأة تتحمل مسؤولية أسرة هى مُعيلة، لا سيّما أن بعض الرجال يعتمدون على المرأة، سواء كانت زوجة، أو شقيقة، فى تحمل الأعباء المادية، وأن الزوجة التى تقدم راتبها بالكامل لأسرتها هى أيضاً مُعيلة، حتى وإن كان هناك زوج أو أب».

منذ أن جئنا جميعا من رحم امرأة، فلنتساءل لماذا نظلم النساء عمدًا أو تغافلًا أو جهلًا، آن الأوان أن نكون حقيقيين مع أنفسنا، ونحاول أن نقترب منهن وأن نحترمهن ونحبهن أكثر.

النساء قائدات فى كل مكان، من الوزيرة إلى ست البيت التى تحافظ على منزلها وأسرتها.

TAGS
RELATED POSTS
خليل فاضل
القاهرة، مصر

كاتب ومحلل نفسي، قاص وروائي، يعالج بالسيكودراما الحديثة في مصر، له مقال أسبوعي كل يوم جمعة ينشر في صحيفة المصري اليوم، كما تشهد له قنوات اليويتيوب بعديد من اللقاءات السخية نفسية واجتماعية، كما أنه يمارس مهنة الطب النفسي منذ حوالي 41 سنة

بحث
أحدث التعليقات