طمأنينة النفس وراحتها.. قلقها واضطرابها
هل ما بينك وبين نفسك طودٌ منيف؟، أم محيطٌ عميق؟، أم أنك قادرٌ بالفعل على التناغم والانسجام مع نفسك، والتصالح مع ذاتك دون أوهامٍ أو تصوراتٍ خاطئة، أم أن هناك سدًّا منيعًا بينك وبين سلامك النفسى؛ قد تُعانى الأرق والقلق والإجهاد العصبى والجسدى والإعياء المُزمن، وربما عدم القدرة على تحقيق ذاتك أو عدم ثباتك واضطراب صورة نفسك؟.
يمُر عقلك بنوباتٍ من التطهير، الذى من خلاله تُجدِّد مفاهيمك عن نفسك والدنيا والناس؛ فعندما تصلُ إلى حالاتك القُصوى، وتخرج من منطقة الراحة، ولا تعتمد على ميكانزمات الدفاع النفسى كالإنكار والإسقاط التى تُشتِّت انتباهك عن مشاكلك الحقيقية، هل تُحس أنك لمست أرضًا فى حلبة المُلاكمة لقسوة الحياة وتوحش العلاقات؟، أم أنك ستصحو فجأة لتواجه نفسك بشجاعةٍ قبل أن تنهار، وتخرُجُ كطائر الفينيق من النار مُحلقًا، واضعًا أمامك كل أسلحتك وحلولك لتبدأ المبارزة كفارسٍ نبيل؟.
أنت تتطوَّر بتطوُر الحمض النووى الـ DNA للقضاء على عيوبٍ هنا وهناك، ولتطوير مساراتٍ جديدة، فلا بد من تغيير.. لكنهم كثر مَن يقاومون فكرة تغيير نمط حياتهم أو أفكارهم.
إن وجود ما يعوقك لا يعنى إحباطك أو استسلامك ووضع كفنك على يديك لتقف صاغرًا أمام التحدِّيات.. لا؛ فبدون النقائص والأخطاء لا يمكن أن تتقدَّم وتنضج وتُصلِح ما بينك وبين نفسك من تعبٍ وانزعاج؛ قد تدرك عيوبك ووصولك إلى ذروة الغضب واللا احتمال، هذا الصراع قد يخلق شعورًا غامضًا بالقلق أو قصور احترام الذات، أو الخوف أو السخط العام الذى يفيض حولك من كل صوب.
العائق مشكلةٌ مُفاجئة تواجهك، ستواجهها بقلبٍ جرىء، أما لو لديك عقدةٌ مزمنة، فيستحسن أن يساعدك متخصص على حلّها، تتجمَّع عبر السنوات صدماتٌ صغيرة وكبيرة، ومعها آليات المواجهة والتصميم والمُناورة والسعى للحلول والتعلّم منها والتكيف معها.
ليس غريبًا على أىٍّ منَّا أن يصل إلى نقطة الانهيار. ستصحو من نومك فى العسل بعدما سرقتك السكين لتبدأ فى فعل شىء مفيد.. هذا هو المدخل والطريق إلى الطمأنينة والفهم والهدوء.
لن تتمكن من العَيْش فى جلباب عاداتك القديمة والمؤذية، ستتجدَّد وتنبعث وتنهض وتثور على نفسك القديمة، وستسعى لتكون الذى حلمت به مُستقبلًا، أنت على الدفَّة والسفينة إما أن تغرق أن تظلّ مكانها أو أن تقودها الرياح إلى حيث لا تشتهى السفن.
إن المُهمة ضخمة ومُركبَّة، ولا بدّ أن تفكر خارج الصندوق، وأن تكون فذًّا، ولك شرف المحاولة بعد أن تتحلّى بخفة الحركة والمرونة وفهم نفسك واستيعابها، هل تقبل التحدِّى وتقبل بأنك ستتغير تمامًا، وأنك لن تكون أبدًا كما كُنت؟.
على فكرة ستكون هناك فجوة مستمرة بين المكان الذى تتواجد فيه، والمكان الذى تريد أن تكون فيه، سواء كان ذلك فى البيت أو فى الشغل، ستدرك مقاومتك وألمك واضطرابك، وربما لجأت إلى المُسكِّنات والمُكيِّفات لتغطِّى أى عملية تدمير ذاتى، وقد تستسلم لجلد ذاتك وتنجرف إلى عملية تدمير لمعنوياتك، وفى هذا نوع من المازوشية، أى الاستمتاع بالألم، وقد يكون ذلك نتيجة كراهيتك لذاتك أو تدنِّى ثقتك بنفسك؛ فلتُنقِّب داخل أعماقك وتُفتش فى جوانبها وثناياها، أطلق انفعالاتك المكبوتة، وحدِّد الصدمات التى لا تزال ندوبُها محفورةً على عظامك. تعرّف على نفسك من جديد، وحاول أن تتدرّب على مهاراتٍ جديدة وأساليب جديدة لتتعامل مع كيانك برفق وبقوة.
تأمَّل حديقتك الصغيرة، حتى لو كانت مُتَخَيَّلة، استثمر فيها، وانتظر ورودها وأزهارها وأشواكها، فالماضى والحاضر هما المُستقبل.. بصورةٍ أخرى، تستطيع أنت تشكيل حديقتك وفق رؤيتك وجَهدك وذكائك العاطفى.